ملتقى اهل فلسطين

السلام عليكم ورحمة الله وبركاتو
زائرنى الكريمى بامكانك التسجيل
فيى ملتقى اهل فلسطين
http://8855.watanearaby.com/
وسلام الله عليكم
وشكرن

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ملتقى اهل فلسطين

السلام عليكم ورحمة الله وبركاتو
زائرنى الكريمى بامكانك التسجيل
فيى ملتقى اهل فلسطين
http://8855.watanearaby.com/
وسلام الله عليكم
وشكرن

ملتقى اهل فلسطين

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
ملتقى اهل فلسطين

ملتقى اهل فلسطين


    السترة وبعض أحكامها

    ابو مسلمة
    ابو مسلمة
    المدير العام
    المدير العام


    عدد المساهمات : 28
    تاريخ التسجيل : 03/01/2011

    السترة وبعض أحكامها  Empty السترة وبعض أحكامها

    مُساهمة من طرف ابو مسلمة الثلاثاء يناير 25, 2011 7:58 pm

    السلام عليكم
    تعريف سترة المصلي:
    هي ما يجعله المصلي أمامه لمنع المرور بين يديه.
    حكم سترة المصلي:
    "أ" عند الأحناف: مستحبة للأمام والمنفرد في حال أمن المرور أو خشيه.
    قال العلامة علاء الدين الكاساني _ من أئمة الحنفية _ في كتابه بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع قال (وَالْمُسْتَحَبُّ لِمَنْ يُصَلِّي في الصَّحْرَاءِ أَنْ يَنْصِبَ بين يَدَيْهِ عُودًا أو يَضَعَ شيئا أَدْنَاهُ طُولُ ذِرَاعٍ كَيْ لَا يَحْتَاجَ إلَى الدَّرْءِ لِقَوْلِ النبي إذَا صلى أحدكم في الصَّحْرَاءِ فَلْيَتَّخِذْ بين يَدَيْهِ سُتْرَةً وَرُوِيَ أَنَّ الْعَنَزَةَ كانت تُحْمَلُ مع رسول اللَّهِ لِتُرْكَزَ في الصَّحْرَاءِ بين يَدَيْهِ فَيُصَلِّي إلَيْهَا حتى قال عَوْنُ ابن أبي جُحَيْفَةَ عن أبيه رأيت رَسُولَ اللَّهِ بِالْبَطْحَاءِ في قُبَّةٍ حَمْرَاءَ من أَدَمٍ فَأَخْرَجَ بِلَالٌ الْعَنَزَةَ وَخَرَجَ رسول اللَّهِ فَصَلَّى إلَيْهَا وَالنَّاسُ يَمُرُّونَ من وَرَائِهَا) وذهب بعض الأحناف إلى ندبها مطلقا وذكر العلامة الدردير أن المعتمد في المذهب _ أي مذهب الأحناف _ استحبابها وكذا ذكره صاحب المراقي.
    "ب" عند المالكية : سنة للإمام والمنفرد في حال أمْن المرور وتتأكد في حال الخشية .
    جاء في الموطأ في رواية يحيى الليثي (عن مالك أنه بلغه أن عبد الله بن عمر كان يستتر براحلته إذا صلى.وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة : أن أباه كان يصلي في الصحراء إلى غير سترة).
    قال العلامة سحنون _ من أئمة المالكية _ في المدونة (قَالَ_ أي ابن القاسم _ : وَقَالَ مَالِكٌ : وَمَنْ كَانَ فِي سَفَرٍ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُصَلِّيَ إلَى غَيْرِ سُتْرَةٍ وَأَمَّا فِي الْحَضَرِ فَلَا يُصَلِّي إلَّا إلَى سُتْرَةٍ ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ : إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي الْحَضَرِ بِمَوْضِعٍ يَأْمَنُ أَنْ لَا يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ أَحَدٌ مِثْلِ الْجِنَازَةِ يَحْضُرُهَا فَتَحْضُرُ الصَّلَاةُ خَارِجًا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ ، فَلَا بَأْسَ أَنْ يُصَلِّيَ إلَى غَيْرِ سُتْرَةٍ ). وذهب بعض المالكية في غير المشهور إلى الندب ذكره العلامة الصاوي في حاشيته على الشرح الصغير والخرشي في شرحه لخليل وهو ما اختاره العلامة الْبَاجِيُّوقال بسنيتها ابن عبد البر في الكافي وابن حبيب و شذ ابن عبد السلام من فقهاء المالكية وقال بوجوبها وقد رد عليه ابن عرفه وقد بسط القول الحطاب في كتابه الماتع "مواهب الجليل على مختصر خليل" في سرد أقوال أئمة المذهب فمن أحب أن يراجعه فليراجعه .
    "ج" عند الشافعية : مستحبة _ وقال بعضهم سنة_ مطلقا في البيت والصحراء والمسجد وسواء أمن أو لم يأمن
    قال صاحب التهذيب (المستحب لمن يصلي إلى سترة أن يدنو منها لما روى عن سهل بن أبى حثمة رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إذا صلى أحدكم إلى سترة فليدن منها لا يقطع الشيطان صلاته )ونقل سنيتها الإمام النووي _ من أئمة الشافعية _ في المجموع(السنة للمصلي أن يكون بين يديه سترة من جدار أو سارية أو غيرهما ويدنو منها ونقل الشيخ أبو حامد الإجماع فيه)
    قال العلامة محمد الخطيب الشربيني _ من علماء الشافعية _ في كتابه مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج قال (ويسن للمصلي أن يتوجه إلى سترة).
    "د" عند الحنابلة : مستحبة على كل حال في البيت والمسجد أو في فضاء وسواء أمن أو لم يأمن
    قال العلامة ابن قدامة المقدسي _ من أئمة الحنابلة _ في كتابه المغني في فقه الإمام أحمد بن حنبل الشيباني(يستحب للمصلي أن يصلي إلى سترة فإن كان في مسجد أو بيت صلى إلى الحائط أو سارية وإن كان في فضاء........... سئل أحمد يصلي الرجل إلى سترة في الحضر والسفر قال : نعم مثل آخرة الرحل ولا نعلم في استحباب ذلك خلافا والأصل فيه أن النبي صلى الله عليه و سلم كان تركز له الحربة فيصلي إليها ويعرض البعير فيصلي إليه..... ولو صلى في غير مكة إلى غير سترة لم يكن به بأس لما [ روى ابن عباس قال : صلى النبي صلى الله عليه و سلم في فضاء ليس بين يديه شيء ] رواه البخاري و [ روي عن الفضل بن عباس أن النبي صلى الله عليه و سلم أتاهم في باديتهم فصلى إلى غير سترة ] ولأن السترة ليست شرطا في الصلاة وإنما هي مستحبة قال أحمد : في الرجل يصلي في فضاء ليس بين يديه سترة ولا خط صلاته جائزة وقال : أحب أن يفعل فإن لم يفعل يجزيه)
    وقال العلامة أحمد بن محمد خليل _ من علماء الحنابلة _ في التهذيب المقنع في اختصار الشرح الممتع قال (قوله: "وتسن صلاته إلى سُترة" أي: يُسَنُّ أن يُصلِّي إلى سُترة. وظاهره: أنَّه سواء كان في سَفَرٍ أم في حَضَرٍ، وسواء خشي مارًّا أم لم يخشَ مارًّا، لعموم الأدلة في ذلك. وقال بعض أهل العلم: إنه إذا لم يخشَ مارًّا فلا تُسَنُّ السُّتْرة . ولكن الصحيح: أن سُنيَّتها عامة، سواء خشي المارَّ أم لا.وعُلم من كلامه: أنَّها ليست بواجبة، وأنَّ الإنسان لو صَلَّى إلى غير سُترة فإنه لا يأثم، وهذا هو الذي عليه جمهور أهل العلم. والقول الثاني: أن السُّتْرة واجبة. وأدلَّة القائلين بأن السُّتْرة سُنَّة وهم الجمهور أقوى، وهو الأرجح.أما المَأموم فلا يُسَنُّ له اُتِّخاذ السُّترة) .
    أدلة الفريقين
    "أ" أدلة قول الجمهور قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله في الشرح الممتع(واستدلَّ الجمهور بما يلي:1 ـ حديث أبي سعيد الخدري: «إذا صَلَّى أحدُكم إلى شيءٍ يستُره من النَّاسِ؛ فأراد أحدٌ أن يجتازَ بين يديه؛ فَلْيَدْفَعْهُ» فإن قوله: «إذا صَلَّى أحدُكم إلى شيء يستره» يدلُّ على أن المُصلِّي قد يُصلِّي إلى شيء يستره وقد لا يُصلِّي، لأن مثل هذه الصيغة لا تدلُّ على أن كلَّ الناس يصلون إلى سُتْرة، بل تدلُّ على أن بعضاً يُصلِّي إلى سُتْرة والبعض الآخر لا يُصلِّي إليها.2 ـ حديث ابن عباس: «أنَّه أتى في مِنَى والنبيُّ صلّى الله عليه وسلّم يصلِّي فيها بأصحابه إلى غير جدار»
    3ـ حديث ابن عباس «صَلَّى النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم في فضاء ليس بين يديه شيء» وكلمة «شيء» عامة تشمل كلَّ شيء، وهذا الحديث فيه مقال قريب، لكن يؤيِّده حديث أبي سعيد، وحديث ابن عباس السابقان.4 ـ أن الأصل براءة الذِّمَّة.
    القول الثاني: أن السُّتْرة واجبة ؛ للأمر بها. وأجابوا عن حديث ابن عباس: «يُصلِّي في فضاء إلى غير شيء» بأنه ضعيف ، وعن حديثه: «يُصلِّي إلى غير جدار» بأن نفي الجدار لا يستلزم نفي غيره، وحديث أبي سعيد يدلُّ على أن الإنسان قد يُصلِّي إلى سُترة وإلى غير سترة، لكن دلَّت الأدلَّة على الأمر بأنه يُصلِّي إلى سُترة.
    وأدلَّة القائلين بأن السُّتْرة سُنَّة وهم الجمهور أقوى، وهو الأرجح، ولو لم يكن فيها إلاَّ أن الأصل براءة الذِّمَّة فلا تُشغل الذِّمَّة بواجب، ولا يحكم بالعقاب إلا بدليل واضح لكفى.
    وأجاب الجمهور عن قول ابن عباس: «إلى غير جدار» أن ابن عباس أرادَ أن يستدلَّ به على أن الحِمار لا يقطع الصَّلاةُ، فقال: «إلى غير جدار» أي: إلى غير شيء يستره).
    وقد اتفق أهل المذاهب أربعة على أن المأموم لا تشرع في حقه الستره.
    كم يكون بعدها من المصلي ؟
    فصَّل القول في هذه المسألة الإمام الحافظ الفقيه المحدث أبو عمر يوسف ابن عبد البرالقرطبي المالكي السلفي في كتابه الماتع الاستذكارشرح موطأ مالك فقال
    (وقد كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يأمر المصلي بالدنو من سترته من حديث سهل بن أبي حثمة وهو مذكور في التمهيد وها هنا أن الدنو منها موجود في حديث مالك وغيره عن نافع عن بن عمر عن بلال في صلاة رسول الله صلى الله عليه و سلم في الكعبة وفيه وجعل بينه وبين الجدار ثلاثة أذرع هكذا رواه بن القاسم وجماعة عن مالك وإليه ذهب الشافعي وأحمد وهو قول عطاء
    قال عطاء أقل ما يكفيك ثلاثة أذرع
    والشافعي وأحمد يستحبان ثلاثة أذرع ولا يوجبان ذلك
    ولم يحد فيه مالك حداً
    وكان عبد الله بن مغفل يجعل بينه وبين سترته ستة أذرع
    وقال عكرمة إذا كان بينك وبين الذي يقطع الصلاة قذفة حجر لم يقطع الصلاة
    وخير من هذا الموضع الاقتداء والتأسي بحديث سهل بن سعد قال كان بين مقام النبي صلى الله عليه و سلم وبين القبلة ممر عنز _ أي شاة _ قال أبو عمر _ أي ابن عبدالبر _ الفرق عندي لمن صلي بغير سترة بين من يدرأه وبين من لا يدرأه هو المقدار الذي لا ينال المصلي فيه المار بين يديه إذا مد يده إليه ليدرأه ويدفعه لإجماعهم على أن المشي في الصلاة لا يجوز إلا إلى الفرج في الصف لمن ركع دونه وقد قيل لا يذب إلا راكعا ولو أجزنا له المشي إليه باعا أو باعين من غير أثر لزمنا أكثر من ذلك وذلك فاسد بإجماع والله المستعان.
    قال العلامة الفقيه ابن قدامة المقدسي الحنبلي السلفي في المغني وهو من العُمد في الفقه الحنبلي (ويستحب للمصلي أن يدنو من سترته لما روى سهل بن أبي خيثمة يبلغ به النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : [ إذا صلى أحدكم إلى سترة فليدن منها لا يقطع الشيطان عليه صلاته ] رواه أبو داود وعن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : [ إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة وليدن منها ] رواه الأثرم وعن سهل بن سعد قال : [ كان بين النبي صلى الله عليه و سلم وبين القبلة ممر الشاة ] رواه البخاري وعن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : [ ارهقوا القبلة ] رواه الأثرم وذكر الخطابي في معالم السنن أن مالك بن أنس كان يصلي يوما متنائيا عن السترة فمر به رجل لا يعرفه فقال : يا أيها المصلي أدن من سترتك فجعل مالك يتقدم وهو يقرأ { وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما } ولأن قربه من السترة أصون لصلاته وأبعد من أن يمر بينه وبينها شيء يحول بينه وبينها إذا ثبت هذا فإنه يجعل بينه وبين ثلاثة أذرع فما دون قال مهنا : سألت أبا عبد الله _ يعني أحمد بن حنبل_ عن الرجل يصلي كم ينبغي أن يكون بينه وبين القبلة قال : يدنو من القبلة ما استطاع ثم قال بعد : إن ابن عمر قال : [ صلى النبي صلى الله عليه و سلم في الكعبة فكان بينه وبين الحائط ثلاثة أذرع ] قال الميموني : فقد رأيتك على نحو من أربعة قال بالسهو وكان عبد الله بن مغفل يجعل بينه وبين سترته ستة أذرع قال عطاء : أقل ما يكفيك ثلاثة أذرع وبه قال الشافعي لخبر ابن عمر عن بلال
    [ أن النبي صلى الله عليه و سلم صلى في مقدم البيت وبينه وبين الجدار ثلاثة أذرع ] وكلما دنا فهو أفضل لما ذكرنا من الأخبار والمعنى)

    ماهوالشيءالذي يستتر به وما مقداره؟
    قال العلامة علاء الدين الكاساني الحنفي في كتابه بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع وهو من العُمد في الفقه الحنفي
    (فإن لم يجد سترة هل يخطُّ بين يديه خطّا حكى أبو عصمة عن محمّد أنّه قال لا يخُطُّ بين يديه فإن الخط وتركه سواء لأنه لا يبدو للناظر من بعيد فلا يمتنع فلا يحصل المقصود ومن الناس من قال يخط بين يديه خطا إما طولا شبه ظل السترة أو عَرْضًا شبه المحراب لقوله صلى الله عليه وسلم إذا صلى أحدكم في الصحرآءِ فليتخذ بين يديه سترة فإن لم يجد فليخط بين يديه خطا ولكن الحديث غريب ورد فيمَا تعم به البلوى فلا نأخذ به) والقول عند علماء الأصول في مسألة عموم البلوى معلومه وهي مما انرد به علماء الأحناف وبعض المالكية عن غيرهم من المذاهب .
    الإمام الحافظ الفقيه المحدث أبو عمر يوسف ابن عبد البرالقرطبي المالكي السلفي في كتابه الماتع الاستذكارشرح موطأ مالك فقال (وأما قدر السترة وصفتها في ارتفاعها وغلظها فقد اختلف العلماء في ذلك.
    فقال مالك أقل ما يجزئ المصلي في السترة غلظ الرمح وكذلك السوط إن كان قائما والعصا وارتفاعها قدر عظم الذراع ؛ هذا أقل ما يجزئ عنده ولا يفسد غيره صلاة من صلى إلى غير سترة وإن كان ذلك مكروها له
    وقول الشافعي في ذلك كقول مالك
    وقال الثوري وأبو حنيفة أقل السترة قدر مؤخرة الرحل ويكون ارتفاعها على ظهر الأرض ذراعا
    وهو قول عطاء
    وقال قتادة ذراع وشبر
    وقال الأوزاعي على قدر مؤخرة الرحل ولم يحدَّ ذراعا ولا عظم ذراع ولا غير ذلك
    وقال يجزئ السهم والسوط والسيف يعني في الغلظة
    واختلفوا فيما يعرض ولا ينصب وفي الخط فكل من ذكرنا قوله أنه لا يجزئعنده أقل من عظم الذراع أو أقل من ذراع لا يجيز الخط إلا أن يعرض العصا والعود في الأرض فيصلي إليها وهم مالك والليث وأبو حنيفة كلهم يقولون الخط ليس بشيء
    وهو قول إبراهيم النخعي
    قال مالك الخط باطل
    وقال أحمد بن حنبلوأبو ثور إذا لم يجعل تلقاء وجهه شيئا ولم يجد عصا ينصبها فليخط خطا وكذلك قال الشافعي بالعراق
    وقال الأوزاعي إذا لم ينتصب له عرضه بين يديه وصلى إليه فإن لم يجد خط خطا وهو قول سعيد بن جبير
    وقال الأوزاعي والسوط بعرضه أحب إلي من الخط
    وقال الشافعي بمصر لا يخط الرجل بين يديه خطأإلا أن يكون في ذلكحديث ثابت فيتبع
    قال أبو عمر _ ابن عبدالبر _ احتج من ذهب إلى الخط بحديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال إذا صلى أحدكم فليجعل تلقاء وجهه شيئا فإن لم يجد فلينصب عصاه فإن لم يكن معه عصا فليخط خطا ولا يضره من مر بين يديه أخرجه أبو داود وقد ذكرناه في التمهيد ولا يجيء إلا من حديث إسماعيل بن أمية عن أبي عمرو بن محمد بن حريث عن جده عن أبي هريرة قال الطحاوي أبو عمرو وجده مجهولان _ وسيأتي الكلام على حديث الخط _ وأما أحمد بن حنبل وعلي بن المديني فكانا يصححان هذا الحديث
    قال أبو عمر اختلف القائلون بالخط كيف يكون نصبه بين يدي المصلي ؟
    فقالت طائفة يخطه في الأرض كما كان يفعل قائما ولا يعرض عرضا
    وقال آخرون بل يجعله معترضا بين يديه
    وقال آخرون بل يخط خطا كالمحراب ويصلي إليه كالصلاة في المحراب
    وكان أحمد بن حنبل يختار هذا ويجيز الوجوه الثلاثة وبالله التوفيق ).
    وقال العلامه الفقيه المحدث أبو زكرياء يحي بن شرف النووي الشافعي في كتابه المجموع وهو من العُمد في فقه الشافعية (أما أحكام الفصل ففيه مسائل (أحداهما) السنة للمصلي أن يكون بين يديه سترة من جدار أو سارية أو غيرهما ويدنو منها ونقل الشيخ أبو حامد الإجماع فيه والسنة أن لا يزيد ما بينه وبينها علي ثلاثة أذرع فان لم يكن حائط ونحوه غرز عصا ونحوها أو جمع متاعه أو مرحله ويكون ارتفاع العصا ونحوها ثلثي ذراع فصاعد وهو قدر مؤخرة الرحل علي المشهور وقيل ذراع كما حكاه عن عطاء وكذا قاله الشيخ أبو حامدوالقاضي أبو الطيب فان لم يجد شيئا شاخصا فهل يستحب أن يخطر بين يديه نص الشافعي في القديموسنن حرملة أنه يستحب وفي البويطى لا يستحب وللأصحاب_ أي الشافعية _ طرق (أحدها) وبه قطع المصنف_ أي صاحب التهذيب _ والشيخ أبو حامد والأكثرون يستحب قولا واحدا ونقل في البيان اتفاق الأصحاب عليه ونقله الرافعي عن الجمهور (والطريق الثاني) لا يستحب وبه قطع إمام الحرمين والغزالي وغيرهما (والثالث) فيه قولان فان قلنا بالخط ففي كيفيته اختلاف قال احمد بن حنبل والحميدي شيخ البخاريوصاحب الشافعي يجعله مثل الهلال وقال أبو داوود في سننه سمعت مسدداً يقول قال ابن داوود الخط بالطول وقال المصنف يخط بين يديه خطا إلي القبلة وقال غيره بخطه يمينا وشمالا كالجنازة والمختار استحباب الخط لأنه وإن لم يثبت الحديث ففيه تحصيل حريم للمصلي وقد قدمنا اتفاق العلماء علي العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال دون الحلال والحرام وهذا من نحو فضائل الأعمال والمختار في كيفيته ما ذكر المصنف وممن جزم باستحباب الخطالقاضي أبو حامد المروزي والشيخ أبو حامد والقاضي أبو الطيب والبندنيجي وأشار إليه البيهقي وغيره قال الغزالي والبغوي وغيرهما وإذا لم يجد شاخصا بسط مصلاه(فرع) قال الشافعي رحمة الله في البويطى ولا يستتر بامرأة ولا دابة فأما قوله في المرأة فظاهر لأنها ربما شغلت ذهنه وأما الدابة ففي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلي الله عليه وسلم " كان يعرض راحلته فيصلي إليها " زاد البخاري في روايته " وكان ابن عمر يفعله " ولعل الشافعي رحمه الله لم يبلغه هذا الحديث وهو حديث صحيح لا معارض له فيتعين العمل به لاسيما وقد أوصانا الشافعي رحمه الله بأنه إذا صح الحديث فهو مذهبه (فرع) المعتبر في السترة أن يكون طولها كمؤخرة الرحل وأما عرضها فلا ضابط فيه بل يكفى الغليظ والدقيق عندنا وقال مالك أقله كغلظ الرمح تمسكا بحديث العنزة ودليلنا حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال
    " يجزئ من السترة مثل مؤخرة الرحل ولو بدقة شعرة " وعن سبرة بن معبد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " استتروا في صلاتكم ولو بسهم " رواه الحاكم في المستدرك وقال حديثان صحيحان الأول على شرط البخاري ومسلم والثاني علي شرط مسلم).
    قال العلامة الفقيه ابن قدامة المقدسي الحنبلي السلفي في المغني وهو من العُمد في الفقه الحنبلي (وقدر السترة في طولها ذراع أو نحوه قال الأثرم : سئل أبو عبد الله _ يعني أحمد بن حنبل _ عن آخرة الرحل كم مقدارها قال : ذراع كذا قال عطاء : ذراع وبهذا قال الثوري وأصحاب الرأي وروي عن أحمد أنها قدر عظم الذراع وهذا قول مالك والشافعي والظاهر أن هذا على سبيل التقريب لا التحديد لأن النبي صلى الله عليه و سلم قدرها بآخرة الرحل وآخرة الرحل مختلف في الطول والقصر فتارة تكون ذراعا وتارة تكون أقل منه فما قارب الذراع أجزأ الاستتار به والله أعلم فأما قدرها في الغلظ والدقة فلا حد له نعلمه فإنه يجوز أن تكون دقيقة كالسهم والحربة وغليظة كالحائط فإن النبي صلى الله عليه و سلم قال:[استتروا في الصلاة ولو بسهم ] رواه الأثرم وقال الأوزاعي : يجزيه السهم والسوط قال أحمد : وما كان أعرض فهو أعجب إليَّ وذلك لأن قوله ولو بسهم بدل على أن غيره أولى منه.....ولا بأس أن يستتر ببعير أو حيوان وفعله ابن عمر وأنس وحكي عن الشافعي أنه لا يستتر بدابة _ قد مرَّ معنا كلام النووي في الاعتذار للشافعي رحمهما الله _ ولنا ما روى ابن عمر [ أن النبي صلى الله عليه و سلم صلى إلى بعير ] رواه البخاري و مسلم وفي لفظ [ كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يعرض راحلته ويصلي إليها قال : قلت فإذا ذهب الركاب قال : يعرض الرحل ويصلي إلى آخرته ] فإن استتر بإنسان فلا بأس فإنه يقوم مقام غيره من السترة وقد روي عن حميد بن هلال قال : رأى عمر بن الخطاب رجلا يصلي والناس يمرون بين يديه فولاه ظهره وقال بثوبه هكذا وبسط يديه هكذا وقال : صل ولا تعجل وعن نافع قال : كان ابن عمر إذا لم يجد سبيلا إلى سارية من سواري المسجد قال ولني ظهرك رواهما البخاري بإسناده ..... فإن لم يجد سترة خط خطا وصلى إليه وقام ذلك مقام السترة نص عليه أحمد وبه قال سعيد بن جبير و الأوزاعي وأنكر مالك الخط و الليث بن سعد و أبو حنيفة وقال الشافعي : بالخط بالعراق وقال : بمصر لا يخط المصلي خطا إلا أن يكون فيه سنة تتبع ولنا ما روى أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : [ إذا صلى أحدكم فليجعل تلقاء وجهه شيئا فإن لم يجد فلينصب عصا فإن لم تكن معه عصا فليخط خطا ثم لا يضره من مر أمامه ] رواه أبو داود وسنة النبي صلى الله عليه و سلم أولى أن تتبع ..... وصفة الخط مثل الهلال قال أبو داود : سمعت أحمد بن حنبل يقول غير مرة وسئل عن الخط فقال : هكذا عرضا مثل الهلال قال : وسمعت مسددا قال : قال ابن داود الخط بالطول وقال في رواية الأثرم قالوا طولا وقالوا عرضا وقال أما أنا فأختار هذا ودور بإصبعه مثل القنطرة وكيف ما خطه أجزأه فقد نقل أحمد بن حنبل أنه قال : إن شاء معترضا وإن شاء طولا وذلك لأن الحديث مطلق في الخط فكيف ما أتى به فقد أتى بالخط فيجزيه ذلك والله أعلم ..... وإن كان معه عصا فلم يمكنه نصبها فقال الأثرم قلت لأحمد _ يعني ابن حنبل_ الرجل يكون معه عصا لم يقدر على غرزها فألقاها بين يديه أيلقيها طولا أم عرضا قال : لا بل عرضا وكذلك قال سعيد بن جبير و الأوزاعي وكرهه النخعي ولنا أن هذا في معنى الخط فيقوم مقامه وقد ثبت استحباب الخط بالحديث الذي روينا).
    وقال الشيخ أحمد بن محمد خليل الحنبلي في كتابه التهذيب المقنع في اختصار الشرح الممتع في فقه الإمام أحمد (قوله: "قائمة" يعني: منصوبة.قوله: "كمُؤْخِرَة الرَّحْلِ" تشبيه لها كما جاء في الحديث عن النبيِّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ . و"مُؤْخِرَة الرَّحْل": هي: خشبة توضع فوق الرَّحل إذا رَكِبَ الراكبُ اُستند عليها، وهي حوالي ثلثي ذراع، أو ثلاثة أرباع ذراع، ورَحْلُ البعير هو: ما يشدُّ على ظهره للركوب عليه. قوله: "فإن لم يجد شاخصاً" أي:شيئاً قائماً يكون له شخص. قوله: "فإلى خطٍّ" أي: فيُصلِّي إلى خطٍّ، والخطُّ له أثرٌ بالأرض، لأنَّ الأرض فيما سَبَقَ مفروشة بالرَّمْلِ أو بالحصباء، وإذا خطَّ الإنسانُ صار له أثرٌ بيِّنٌ، لكن أرض المساجد الآن مفروشة بالقماش، فهل نقول: إن الخط الذي هو خطُّ التلوين يجزئ عن الخطِّ الذي له أثرٌ؟ قال بعض أهل العلم: يجزئ كلُّ ما اعتقده سُتْرة ، وظاهره: حتى الخط الملوَّن، لكن في النفس مِن هذا شيء. فالظاهر: أن هذه الخطوط الملونة لا تكفي، لكن لو فُرض أن فيه خيطاً بارزاً في طرف الحصير، أو في طرف الفراش لصحَّ أن يكون سُتْرة، لأنه بارز. فإذا لم تجد شاخصاً فخُطَّ خطًّا. ولكن كيف أخطُّ ؟ هل أخطُّ خطًّا مقوَّساً كالهلال أو ممتدًّا كالعصا ؟ الجواب: يكفي أيُّ خط.

    الكلام على حديث الخط
    جاء عند الحافظ ابن حجر في البلوغ قال (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : { إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَجْعَلْ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ شَيْئًا ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَنْصِبْ عَصًا ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَلْيَخُطَّ خَطًّا ، ثُمَّ لَا يَضُرُّهُ مَنْ مَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ } أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ ، وَلَمْ يُصِبْ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ مُضْطَرِبٌ ، بَلْ هُوَ حَسَنٌ
    قال الصنعاني في سبل السلام (أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَلَمْ يُصِبْ مِنْ زَعَمَ وَهُوَ ابْنُ الصَّلَاحِ [ أَنَّهُ مُضْطَرِبٌ ] فَإِنَّهُ أَوْرَدَهُ مِثَالًا لِلْمُضْطَرَبِ فِيهِ [ بَلْ هُوَ حَسَنٌ ] وَنَازَعَهُ الْمُصَنِّفُ فِي النُّكَتِ ، وَقَدْ صَحَّحَهُأَحْمَدُ وَابْنُ الْمَدِينِيِّ ، وَفِي مُخْتَصَرِ السُّنَنِ قَالَ " سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ " : لَمْ نَجِدْ شَيْئًا نَشُدُّ بِهِ هَذَا الْحَدِيثَ ، وَلَمْ يَجِئْ إلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ ، وَكَانَ " إسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ " إذَا حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ يَقُولُ : هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ تَشُدُّونَهُ بِهِ ؟ وَقَدْ أَشَارَ الشَّافِعِيُّ إلَى ضَعْفِهِ ، وَقَالَالْبَيْهَقِيُّ : لَا بَأْسَ بِهِ فِي مِثْلِ هَذَا الْحُكْمِ إنْ شَاءَ اللَّهُتَعَالَى .وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ السُّتْرَةَ تُجْزِئُ بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَتْ.)
    وقد أفاض الشيخ عبد الله الفوزان حفظه الله في شرحه على البلوغ أفاض الكلام من الناحية الحديثيه والفقهية فقال بعد أن جاء بالحديث قال الكلام عليه من وجوه ثم قال (الوجه الأول: في تخريجه:فقد أخرجه أحمد (12/354 ـ 355)، وأبو داود (689)، وابن ماجه (943)، وابن حبان (2361)، من طريق إسماعيل بن أمية، حدثني أبو عمرو بن محمد بن حريث، أنه سمع جده حريثاً يحدث عن أبي هريرة رضي الله عنه... فذكره. وهذا الحديث اختلف العلماء في تصحيحه، فقد صححه قوم، وضعفه آخرون، فممن ضعفه: سفيان بن عيينة، فقد نقل عنه أبو داود أنه قال: (لم نجد شيئاً نشدُّ به هذا الحديث، ولم يجئ إلا من هذا الوجه)، أي: فهو حديث غريب، وقال الدارقطني: (الحديث لا يثبت) وضعفه ـ أيضاً ـ العراقي، وابن الصلاح ـ ومثّلا به للحديث المضطرب ـ، وكذا ابن حزم، والنووي، والبغوي وجماعة آخرون، قال السخاوي: (حَكَم غير واحد من الحفاظ... باضطراب سنده، بل عزاه النووي للحفاظ).
    وسبب ضعفه ثلاث علل:
    الأولى: تفرّد إسماعيل بن أمية به، كما تقدم عن ابن عيينة ومن وافقه.
    الثانية: أن إسماعيل بن أمية قد اضطرب في اسم شيخه، وفي كنيته، وهل روايته عن أبيه أو عن جده أو عن أبي هريرة بلا واسطة؟ فإنه مرة قال: عن أبي محمد بن عمرو بن حريث، عن جده، ومرة قال: عن أبي عمرو بن محمد بن حريث، عن جده، وقال ثالثة: عن أبي عمرو بن حريث، عن أبيه.
    العلة الثالثة: جهالة حال أبي عمرو بن محمد بن حريث، فقد جهله أبو جعفر الطحاوي والذهبي وابن حجر وغيرهم، وكذا جهالة جده حريث.
    وصحح الحديث جماعة آخرون منهم: ابن خزيمة وابن حبان وابن عبد البر، ونَقَلَ تصحيحه عن الإمام أحمد، وعلي بن المديني ونقل ذلك عنهما ـ أيضاً ـ عبد الحق الإشبيلي كما صححه البيهقي، وحسنه الحافظ ابن حجر، قال ابن رجب (وأحمد لم يُعرف عنه التصريح بصحته، إنما مذهبه العمل بالخط، وقد يكون اعتمد على الآثار الموقوفة، لا على الحديث المرفوع؛ فإنه قال في رواية ابن القاسم: الحديث في الخط ضعيف). !!!!!
    وقد أجاب ابن حجر وغيره عن المطاعن التي وجهت إلى الحديث بما يلي: أما ما أُعل به من تفرد إسماعيل بن أمية فهذا فيه نظر، فإن للحديث طرقاً أخرى وهي وإن كانت ضعيفة لكن تعددها يجعلها صالحة للاعتبار؛ لأن بعضها يشد بعضاً؛ لأنه ضعف ليس بشديد، فيزول بتعدد الطرق، كما هي قاعدة المحدثين.
    وأما العلة الثانية: وهي الاضطراب فقد نفاها الحافظ ابن حجر معللاً بأن الاضطراب هو الاختلاف الذي يؤثر قدحاً، واختلاف الرواة في اسم رجل أو في كنيته، وهل روايته عن أبيه أو عن جده؟ لا يؤثر في ذلك؛ لأن ذلك الرجل إن كان ثقة فلا ضير، وإن كان غير ثقة فضعف الحديث إنما هو من قبل ضعفه، لا من قبل الاختلاف في اسمه، ولذا قال ـ هنا ـ في «البلوغ»: (ولم يصب من زعم أنه مضطرب)، وكأنه يعني العراقي وابن الصلاح فإنهما قد مثلا به للمضطرب ـ كما تقدم ـ، وقد نقل السيوطي عن الحافظ أنه انتقد التمثيل بمثل هذا الحديث للمضطرب!
    ثم إن ابن خزيمة رجح إسناد: إسماعيل بن أمية، عن أبي عمرو بن محمد بن حريث، عن جده حريث، عن أبي هريرة.
    وأما العلة الثالثة: وهي جهالة أبي عمرو بن محمد بن حريث، فإن أريد بها جهالة العين ـ وهو الغالب عند الإطلاق ـ فذلك مرتفع عنه؛ لأنه روى عنه إسماعيل بن أمية، وإبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي المدني، وزاد ابن حبان: ابن جريج، وابن أبي محمد، وبرواية اثنين تنتفي الجهالة، فكيف برواية أكثر من ذلك؟
    وإن أريد بذلك جهالة الحال، فالظاهر أنها مرتفعة ـ أيضاً ـ لأن ابن حبان ذكره في «الثقات» وخَرَّجَ حديثه في «صحيحه»، وكذا صححه ابن خزيمة والحاكم، قال ابن حجر: (وذلك مقتضى ثبوت عدالته عند من صححه) ، يعني بذلك أن تصحيح حديثه تعديل له.
    والذي يظهر _(كلام الشيخ عبد الله الفوزان)_ ـ والله أعلم ـ أن الحديث ضعيف، وما أجيب به عنه فهو غير ناهض، ويكفي في الحكم عليه كلام المتقدمين ومن بعدهم أمثال ابن عيينة، والدارقطني، وابن حزم، والعراقي... ومعلوم أن المصلي لا يلجأ إلى الخط في الغالب إلا عند عدم غيره مما يصلح سترة، فالعمل بالحديث أقل أحوال الاستطاعة، والله تعالى يقول: {{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}} [التغابن: 16] ، ولذا قال النووي: (والمختار استحباب الخط؛ لأنه وإن لم يثبت الحديث ففيه تحصيل حريم للمصلي..).
    الوجه الثاني: الحديث دليل على مشروعية اتخاذ المصلي سترة، وأن السنة أن ينظر، فإن وجد شاخصاً كجدار أو شجرة أو سارية صلّى إليها، وقد ورد في حديث سهل بن سعد رضي الله عنه قال: كان بين مصلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وبين الجدار ممر شاة، فإن لم يجد نصب عصاً، وفي حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان إذا خرج يوم العيد أمر بالحربة، فتوضع بين يديه، فيصلي إليها.. الحديث.
    فإن لم يجد خطَّ خطًّا، ثم لا يضر من مرّ بين يديه إذا كان من وراء السترة، ولم يرد في الحديث كيفية الخط، فإن خطه بالطول أو على هيئة الهلال فلا بأس، وقد ورد عن الإمام أحمد ما يدل على ذلك.
    وموضوع الخط قد يحتاج إليه لإمكانه قديماً عندما كانت أرض المسجد وفناؤه مفروشة بالرمل، أما الآن فالمساجد فيها الفرش، فلا أثر للخط، إلا إذا كان الإنسان في الصحراء أو نحو ذلك.
    ونقل النووي عن الغزالي والبغوي وغيرهما: أن المصلي إذا لم يجد شاخصاً بسط مصلاه، فهذا فيه قياس فراش المصلي على الخط؛ بأن تكون نهاية السجادة من أمامه سترةً له، ومحل ذلك ما لم تطل السجادة من أمامه، وإلا فلا تصلح أن تكون سترة، ونقله الصنعاني، ونسبه للشافعية، ثم قال: «وهو صحيح»، والله أعلم.)
    وقد صحح هذا الحديث من المتأخرين العلامة ابن باز رحمه الله والشيخ عبد المحسن العباد حفظه الله والذي تميل إليه النفس والله أعلم هو حسن هذا الحديث والعمل به.
    موقف المصلي من سترته .
    قال ابن عبد البر في الاستذكار (وأما استقبال السترة والصمد لها ففي حديث المقداد بن الأسود قال ما رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم صلى إلى عود ولا إلى عمود ولا شجرة إلا جعله عن جانبه الأيمن أو الأيسر ولا يصمد له صمدا)
    قال النووي في المجموع(قال البغوي وغيره يستحب أن يجعل السترة علي حاجبه الأيمن أو الأيسر لما روى المقداد بن الأسود رضي الله عنه قال " ما رأيت رسول الله صلي الله عليه وسلم يصلي إلي عود ولا عمود ولا شجرة إلا جعله على حاجبه الأيمن أو الأيسر ولا يصمد له " رواه أبو داود ولم يضعفه لكن في إسناده الوليد بن كامل وضعفه جماعة قال البيهقي تفرد به الوليد وقد قال البخاري عنده عجائب)
    قال العلامة الفقيه ابن قدامة المقدسي الحنبلي السلفي (وإذا صلى إلى عود أو عمود أو شيء في معناهما استحب له أن ينحرف عنه ولا يصمد له صمدا لما روى أبو داود [ عن المقداد بن الأسود قال : ما رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم صلى إلى عود أو إلى عمود ولا شجرة إلا جعله على حاجبه الأيمن أو الأيسر ولا يصمد له صمدا ] أي لا يستقبله فيجعله وسطا ومعنى الصمد القصد.
    فأنت كما ترى هنا استحب الجمهور أن يجعل سترته عن يمينه أو شماله ولا يجعلها تلقاء وجهه.
    قال الشيخ عطيه محمد سالم في شرحه على بلوغ المرام (لا ينبغي للمصلي أن يصمد إلى السترة ويجعلها بين عينيه ويسجد إليها، ولكن يجعلها مائلة إلى أحد الجانبين يميناً أو يساراً، لحديث: ( إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره فلا يعمد إليه عمداً، ولكن يجعله عن يساره أو عن يمينه )، ولفظ الحديث قدم اليسار على اليمين، مع أن اليمين أفضل، وكان ومن حقه التقديم، ولكن السترة بالنسبة للمصلي كأنها إمام له، والواحد إذا صلى مع الإمام يكون موقفه عن يمينه، والإمام عن يساره، فيجعل السترة موقع الإمام........فينبغي للمصلي ألا يعمد إلى السترة فيكون في صورة من يسجد لغير الله).
    قال الشيخ وهبه الزحيلي في كتابه الفقه الإسلامي وأدلته (السنة باتفاق المذاهب الأربعة أن يميل المصلي عن السترة يميناً أو يسارا بحيث لا يقابلها) .
    أيتحرك المصلي الى السترة؟
    قال العلامة الفقيه سحنون بن سعيد التنوجيالمالكي السلفي في المدونة الكبرى وهي الأم في فقه مالك ابن أنس بعد الموطأ (قال _ ابن قاسم _ : وقال مالك : إذا كان الرجل خلف الإمام وقد فاته شيء من صلاته فسلم الإمام وسارية عن يمينه أو عن يساره فلا بأس أن يتأخر إلى السارية عن يمينه أو عن يساره إذا كان ذلك قريبا يستتر بها ، قال : وكذلك إذا كانت أمامه فيتقدم إليها ما لم يكن ذلك بعيدا ، قال : وكذلك إذا كان ذلك وراءه فلا بأس أن يتقهقر إذا كان ذلك قليلا ، قال : وإن كانت سارية بعيدة منه فليصل مكانه وليدرأ ما يمر بين يديه ما استطاع ).
    قال بعض أهل العلم إنه لم ينقل التنقل إلى السترة عن الصحابة ذلك والله أعلم لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا ينصرف من مكانه إلا بعد الإتيان بأذكار الصلاة وكان الأصحاب رضوان الله عليهم لا ينصرفون حتى ينصرف النبي المأمون عليه الصلاة والسلام فلم يحتج المسبوقين إلى الانتقال إلى السترة .
    السترة في المسجد الحرام
    قال العلامة نالحطاب في مواهب الجليل(..قال الزركشِي من الشافعِية في إعلام الساجد في الباب الأَولِ : مَذْهَبُ أَحْمَدَ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ الْمُرُورُ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَأَنَّ الصَّلَاةَ لَا يَقْطَعُهَا بِمَكَّةَ شَيْءٌ ، وَلَوْ كَانَ الْمَارُّ امْرَأَةً بِخِلَافِ غَيْرِهَا ، حَكَاهُ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ وَنُقِلَ ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ وَعَبْدِ الرَّزَّاقِ انْتَهَى وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ مَالِكٍ فَإِنْ عَنَى بِهِ كَوْنَ الصَّلَاةِ لَا يَقْطَعُهَا شَيْءٌ فَهُوَ مَذْهَبُهُ لَكِنَّهُ لَيْسَ خَاصًّا بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ بَلْ فِي سَائِرِ الْأَمَاكِنِ ، وَإِنْ عَنَى بِهِ جَوَازَ الْمُرُورِ فَيُنْظَرُ فِي ذَلِكَ كَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ فِي آخِرِ رَسْمِ الْمُحْرِمِ يَتَّخِذُ الْخِرْقَةَ لِفَرْجِهِ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الْحَجِّ الْأَوَّلِ وَنَصُّهُ وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ مَكَّةَ وَالْمُرُورِ بِهَا بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ أَتَرَى أَنْ يَمْنَعَ مِنْهَا بِمِثْلِ مَا يَمْنَعَ مِنْ غَيْرِهَا ؟ قَالَ : نَعَمْ إنِّي لَأَرَى ذَلِكَ إذَا كَانَ يُصَلِّي إلَى عَمُودٍ أَوْ سُتْرَةٍ وَلَا أَدْرَى مَا الطَّوَافُ كَأَنَّهُ يُخَفِّفُهُ إنْ صَلَّى إلَى الطَّائِفِينَ .
    قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ رُشْدٍ فِي قَوْلِهِ : إذَا كَانَ يُصَلِّي إلَى عَمُودٍ أَوْ سُتْرَةٍ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ إذَا صَلَّى فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إلَى غَيْرِ سُتْرَةٍ فَالْمُرُورُ بَيْنَ يَدَيْهِ جَائِزٌ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَدْرَأَ مَنْ يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ بِخِلَافِ الْمُصَلِّي فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إلَى غَيْرِ سُتْرَةٍ وَالْإِثْمُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ دُونَ الْمَارِّينَ بِخِلَافِ صَلَاتِهِ إلَى الطَّائِفِينَ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الطَّائِفِينَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ الْمَارِّينَ بَيْنَ يَدَيْهِ فِي إجَازَةِ الصَّلَاةِ إلَيْهِمْ أَنَّ الطَّائِفِينَ مُصَلُّونَ ؛ لِأَنَّ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ وَإِنْ جَازَ فِيهِ الْكَلَامُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا عَلَى طَهَارَةٍ وَالصَّلَاةُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إلَى سُتْرَةٍ فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا مِنْغَيْرِ الطَّائِفِينَ وَأَنَّ مَنْ مَرَّ كَانَ لَهُ أَنْ يَدْرَأَهُ عَنْ ذَلِكَ وَأَمَّا الطَّائِفُ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَمُرَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سُتْرَتِهِ إلَّا أَنْ لَا يَجِدَ بُدًّا مِنْ ذَلِكَ مِنْ زِحَامٍ فَلْيَمُرَّ وَلَا يَدْرَؤُهُ الْمُصَلِّي عَنْ الْمُرُورِ ، وَمِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مَنْ ذَهَبَ إلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُصَلِّيَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إلَى غَيْرِ سُتْرَةٍ وَإِنْ مَرَّ النَّاسُ بَيْنَ يَدَيْهِ فِي الطَّوَافِ وَغَيْرِهِ وَلَا إثْمَ فِي ذَلِكَ عَلَيْهِ وَلَا عَلَيْهِمْ وَأَنَّ مَكَّةَ مَخْصُوصَةٌ بِجَوَازِ الْمُرُورِ فِيهَا بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي بِدَلِيلِ مَا رُوِيَ عَنْ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَبِي وَدَاعَةَ أَنَّهُ قَالَ : رَأَيْت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي مِمَّا يَلِي بَابَ بَنِي سَهْمٍ وَالنَّاسُ يَمُرُّونَ بَيْنَ يَدَيْهِ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ شَيْءٌ وَقَالَ بَعْضُ الرُّوَاةِ : لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطَّوَافِ سُتْرَةٌ . قَالَ فَمِنْ طَرِيقِ الْمَعْنَى أَنَّ الَّذِي يُصَلِّي مُحَاذِيًا إلَى الْكَعْبَةِ يَسْتَقْبِلُ فِي صَلَاتِهِ وُجُوهَ بَعْضِ الْمُصَلِّينَ إلَيْهَا لَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي غَيْرِهَا فَإِذَا جَازَ لَهُ أَنْ يَسْتَقْبِلَ وُجُوهَهُمْ جَازَ لَهُ أَنْ يَمُرُّوا بَيْنَ يَدَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَقْبِلُ بِذَلِكَ إلَّا خُدُودَهُمْ فَهُوَ أَخَفُّ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَبِهِ التَّوْفِيقُ ، انْتَهَى كَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ .)
    قال العلامة الفقيه ابن قدامة المقدسي الحنبلي السلفي (.... ولا بأس أن يصلي بمكة إلى غير سترة وروي ذلك عن ابن الزبير و عطاء و مجاهد قال الأثرم : قيل لأحمد_ يعني ابن حنبل _ الرجل يصلي بمكة ولا يستتر بشيء فقال : قد روي عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه صلى ثم ليس بينه وبين الطواف سترة قال أحمد : لأن مكة ليست كغيرها كأن مكة مخصوصة وذلك بما [ روى كثير بن كثير ابن المطلب عن أبيه عن جده المطلب قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم يصلي حيال الحجر والناس يمرون بين يديه ] رواه الخلال بإسناده وروى الأثرم بإسناده [ عن المطلب قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا فرغ من سبعه جاء حتى يحاذي الركن بينه وبين السقيفة فصلى ركعتيه في حاشية المطاف وليس بينه وبين الطواف أحد ] وقال أبي عمار : رأيت ابن الزبير جاء يصلي والطواف بينه وبين القبلة تمر المرأة بين يديه فينظرها حتى تمر ثم يضع جبهته في موضع قدمها رواه حنبل في كتاب المناسك وقال المعتمر : قلت لطاووس الرجل يصلي يعني بمكة فيمر بين يديه الرجل والمرأة فقال : أولاَ يرى الناس بعضهم بعضا وإذا هو يرى أن لهذا البلد حالا ليس لغيره من البلدان وذلك لأن الناس يكثرون بمكة لأجل قضاء نسكهم ويزدحمون فيها ولذلك سميت بكه لأن الناس يتباكون فيها أي يزدحمون ويدفع بعضهم بعضا فلو منع المصلي من يجتاز بين يديه لضاق على الناس وحكم الحرم كله حكم مكة في هذا بدليل ما [ روى ابن عباس قال : أقبلت راكبا على حمار أتان والنبي صلى الله عليه و سلم يصلي بالناس بمنى إلى غير جدار ] متفق عليه ولأن الحرم كله محل المشاعر والمناسك فجرى مجرى مكة في ما ذكرناه ....)
    هذه بعض مباحث السترة للمصلي وبالله التوفيق والسداد ونسأله الستر في الدارين والهداية والرشاد وصلى الله على المبعوث رحمة للعباد وعلى آله وسلم تسليما إلى يوم المعاد.

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد مايو 19, 2024 10:06 am